معنى أفلح إن صدق
أنزل الله سبحانه وتعالى الإسلام متضمناً خمس أركان أوجبها الله على عباده بغية التقرب إليه، ويأثم كل من يبتعد عنها أو يتغافل عن أدائها، كما أباح لنا أداء بعض العبادات التطوعية للحصول على عظيم الجزاء وذلك كما ورد في معنى أفلح إن صدق أحد أحاديث فضل أداء العبادات والالتزام بها الذي سنتناول شرحه تفصيلياً في السطور التالية.
شرح معنى أفلح إن صدق
عن طلحة بن عبيد الله -رضي اللّٰه عنه- قال: ” جَاءَ رَجُلٌ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن أهْلِ نَجْدٍ ثَائِرَ الرَّأْسِ، يُسْمَعُ دَوِيُّ صَوْتِهِ ولَا يُفْقَهُ ما يقولُ، حتَّى دَنَا، فَإِذَا هو يَسْأَلُ عَنِ الإسْلَامِ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: خَمْسُ صَلَوَاتٍ في اليَومِ واللَّيْلَةِ. فَقالَ: هلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قالَ: لَا، إلَّا أنْ تَطَوَّعَ. قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: وصِيَامُ رَمَضَانَ. قالَ: هلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟ قالَ: لَا، إلَّا أنْ تَطَوَّعَ. قالَ: وذَكَرَ له رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الزَّكَاةَ، قالَ: هلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قالَ: لَا، إلَّا أنْ تَطَوَّعَ. قالَ: فأدْبَرَ الرَّجُلُ وهو يقولُ: واللَّهِ لا أزِيدُ علَى هذا ولَا أنْقُصُ، قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أفْلَحَ إنْ صَدَقَ”.
فيما يلي شرح معنى أفلح إن صدق والتي وردت في الحديث السابق:
شرح " ثَائِرَ الرَّأْسِ، يُسْمَعُ دَوِيُّ صَوْتِهِ ولَا يُفْقَهُ ما يقولُ، حتَّى دَنَا".
تشير كلمة ثائر الرأس إلى عدم ترتيب الشعر وتبعثره، مما يشير إلى بعد هذا الرجل عن الرفاهية وأنه جاء من نجد على ذلك الشكل، مما يعبر عن آثار عناء السفر التي ظهرت عليه جلية.
أما عن عبارة " يسمع دوي صوته" تشير إلى أنه كان يتكلم بصوت عالي ونبرة سريعة حتى أنهم جميعاً لم يفهموا ما تلفظ به وهي دليل على مدى ارتفاع الصوت المرتبط مع عدم فهم الكلام.
كما تعبر عبارة " حتى دنا" أن كلماته أصبحت أكثر وضوحاً عند اقترابه، ثم تبع ذلك عبارة " فإذا هو يسأل عن الإسلام" أنه يرغب في معرفة الشرائع والفروض التي أقرها الإسلام.
ويشير سؤاله عن الإسلام إلى أنه هناك بعض الأعراب القاطنين بعيداً عن المدينة كانوا يأتون إلى النبي للتعرف على الشرائع الإسلامية الواجب الالتزام بها.
كما يجدر الإشارة في إطار التعرف على معنى أفلح إن صدق إلى لين الرسول صلى الله عليه وسلم في معاملة كل من اعتنق الإسلام وكان مدركاً لاختلاف الطبائع والصفات، فلم ينفر من هذا الشخص وارتفاع صوته بل كان مستمعاً صبوراً هيناً دون ضجر.
شرح " خمس صلوات في اليوم والليلة"
يجيب النبي صلى الله عليه وسلم في هذه العبارة على هذا السائل بأن الصلوات المفروضة على المسلم هي خمس صلوات فقط، ثم تابع سؤاله بأنه هل عليه أن يؤدي صلوات أخرى، وأجابه الرسول " لا، إلا أن تطوع" ويقصد هنا بالنوافل.
أي أن المسلم مسؤول فقط عن الصلوات الخمس، أما إن رغب في الزيادة أثيب عليها وإن تركها لم يأثم، ثم تابع النبي " وصيام رمضان" وهنا فيه إشارة إلى أن الصيام المفروض على المسلم هو شهر رمضان فقط، وما غير ذلك فهو تطوع.
وقد تحدث النبي بعد ذلك عن الزكاة ضمن الفروض المشروعة ولكنه لم يذكر الحج، ويرجع ذلك إلى أن فرض الحج تأخر عن باقي الفروض، حيث أنه لم يفرض إلا في العام التاسع من الهجرة.
شرح " فأدبر الرجل، وهو يقول والله لا أزيد على هذا ولا أنقص"
هنا ذهب الرجل وهو مؤمن بضرورة التمسك بأداء الفروض والالتزام بها وعدم التفريط فيها، ولكنه لم يتناول أي شيء حول التزامه بالنوافل والتطوع.
وقد تبع ذلك توضيح النبي معنى أفلح إن صدق كدليل على جزاء التزام المؤمن بأداء الفروض وأنها طريقه إلى الجنة، حال التزامه أيضاً بكل ما شرع الله.
الدروس المستفادة من الحديث
يقدم لنا الحديث مجموعة من الفوائد التي نتعرف عليها خلال استكمال شرح معنى أفلح إن صدق وهي كالتالي:
الحفاظ على الفرائض والتخلي عن كافة النواهي والمحرمات هي طريق المسلم إلى الجنة.
النوافل والتطوع ليست مفروضة أو واجبة ولكن يؤجر المسلم عليها ولا يأثم حال تركها.
الفرائض هي الصلوات الخمس وصوم شهر رمضان، الزكاة على من له نِصاب، والحج مرة واحدة لمن استطاع ذلك.
الصلوات المفروضة وصلوات التطوع
لقد شرع الله خلال رحلة الإسراء والمعراج خمسين صلاة مفروضة على المسلم، ثم تم تخفيضها لتصل إلى خمس صلوات في كل يوم وليلته، وكانت هي صلاة الفجر، صلاة الظهر، صلاة العصر، صلاة المغرب، صلاة العشاء.
وقد سن النبي على المسلمين صلوات التطوع أو النوافل والتي تنقسم إلى صلوات التطوع المطلق وصلوات التطوع المقيد.
وتشير صلوات التطوع المطلق إلى ما ينوي المسلم بدءاً من ركعة واحدة وله أن يزيد ما يشاء من ركعات ثم يسلم وتكون صلاة صحيحة.
أما عن صلوات التطوع المقيد فهي كل الصلوات التابعة للفرائض وتعرف باسم السنن الرواتب، وهي كالتالي:
سنة الفجر وهي ركعتان تسبق صلاة الفجر
سنة الظهر وهي تكون أربع ركعات أو ست ركعات أو ثمانية؛ وقد تباينت حولها الآراء، حيث قيل أنه ركعتين قبلها وركعتين بعدها، وقيل أربعة قبلها واثنين بعدها أو أربعة قبلها وأخرى بعدها.
سنة العصر وهي أربع ركعات قبل صلاة العصر ولكنها من النوافل الغير مؤكدة.
سنة المغرب وهي ركعتان بعد صلاة المغرب.
سنة العشاء وهي ركعتان بعد صلاة العشاء.
الصيام المفروض وصيام التطوع
في إطار عرض معنى قد أفلح من صدق، ينقسم الصيام إلى الصيام المفروض وهو صيام شهر رمضان وصيام قضاء الأيام الفائتة وصيام النذر.
أما عن صيام التطوع، يشتمل على صيام الأيام التالية:
صيام ست أيام من شهر شوال.
صيام عشر أيام من شهر ذي الحجة.
صيام يوم عرفة لغير الحجاج.
صيام عاشوراء.
صيام غالبية أيام شهر شعبان.
صيام يوم الاثنين والخميس أسبوعياً.
صيام الأيام البيض من كل شهر " الثالث عشر، الرابع عشر، الخامس عشر".
الزكاة وصدقة التطوع
يتمثل الفرق بين الزكاة والصدقة في أن الزكاة هي إحدى الأركان الخمسة للإسلام ويمكن تعريفها على أنها مقدار من المال على كل ما ينمو سنوياً من الزرع أو الثمار أو الأموال.
أما عن الصدقة فهي قدر من المال غير محدد يتم إخراجه حسب استطاعة المتصدق، وتشمل صدقة التطوع حق المسلم فيما يلي:
حقه في الزرع عند حصاده.
حقه في الأنعام والخيول.
حق الضيف في مال مضيفه.
حق الماعون وتبادلها بين الجيران.
ما صحة حديث أفلح إن صدق؟
ورد معنى أفلح إن صدق في هذا الحديث الذي رواه طلحة بن عبيد الله وهو حديث صحيح أخرجه البخاري في صحيحه، كما أخرجه مسلم.
هل تشير عبارة أفلح إن صدق إلى أن الفرائض تزيل المعاصي؟
لم يرد في الحديث باللفظ أو المعنى ما يشير إلى أن المسلم يدخل الجنة حال التزامه بالفرائض حتى إن ارتكب المعاصي، حيث أن المسلم يؤجر على الالتزام بالفرائض ولكنه يجب عليه تجنب كافة أشكال المعصية، ولكن كان معنى أفلح إن صدق يشير إلى تعيين الفرق بين الفروض والنوافل.
في النهاية، قدمنا لكم شرح مفصل حول معنى أفلح إن صدق وعرض أهم فرائض الإسلام التي شرعها الله لعباده، وإدراك الفرق بين الفرائض والأعمال التطوعية التي يثاب المسلم عليها ولا يأثم لتركها، والتعرف على الفرق بين صلوات الفرض والتطوع وكذلك الصيام والزكاة المفروضة والتطوعية.